دغدغة..خفيفة..
أذكر فى أواسط السبعينيات..من..القرن الماضى...كنت طالبا بكلية الحقوق..جامعة..عين شمس..
وكانت الحياة الثقافية.. فى القاهرة..عامرة..بمختلف الفنون..
بدءا من سور الازبكية..الذى كان يمتلئ بكافة انواع الكتب والمعارف العربية والعالمية..
وكان سعر الروايات العالمية..لا تتعدى الثلاثة قروش..وأذكر اننى اشتريت الكثير منها..
وبعض الكتب الكبيرة أيضا اشتريتها..مثل فاوست للشاعر الألمانى جوتة..
وبعض من مسرحيات شكسبير المترجمة..بمعرفة اساتذة كبار.
. كترويض..النمرة..وحلم ليلة صيف ..كان سعر النسخة.. فى حدود الخمسين قرش
بل الأكثر من ذلك ..ألف ليلة وليلة بأجزائها الثلاث..طبعة قديمة..اشتريتها بجنيهات قليلة..
لكن للأسف من استعارها لم يرجعها..
وكان بجوار سور الازبكية المسرح القومى..وقاعة صلاح عبد الصبور..ذات المائة مقعد..
والذى كان يعرض..ألوان..من المسرح العالمى...بعضها كان من فصل واحد..
..يبدأ العرض من الساعة العاشرة.مساءا.وينتهى فى الساعة الثانية عشر..منتصف الليل.
وكان سعر التذكرة للمسرح..على ما أذكر..أيضا..خمسين قرش..
لم احضره الا مرات قليلة.. خشية الا اجد مواصلات...لان المواصلات العامة كانت تنتهى قبل ذلك
وسيارات الاجرة لم تكن متوافرة..ومتنوعة كما هى الان...رغم ان.. كسر بونديرة عداد التاكسى
فى ذلك الوقت.. كانت ستة قروش... اى ان العودة للبيت لن تتكلف اكثر من خمسة وعشرين قرشا..
ولذا كان الخوف فقط من .. الا اجد..سيارة اجرة...عقب انتهاء المسرح..
وكان فى مدخل المسرح القومى... فاترينات.. لعرض بعض اصدارات وزارة الثقافة..منها مجلة المسرح..
ومنها مجلة القصة..والثقافة..وكانت أثمانها زهيدة..
وكانت مجلة المسرح..تنشر بعض الاعمال المسرحية المصرية.. ومسرحية او اكثر عالمية..مترجمة..
وكانت اسعارها ايضا.. فى حدود اسعار الروايات العالمية.. التى على سور الازبكية..
وبجوار المسرح القومى...كانت توجد حديقة الازبكية وما بها من كافتيريات..ميرامار..وغيرها...وسينما اوبرا..
ثم دور السينما الشهيرة. وسط البلد...ميامى.. وريفولى.. وميترو..وأوديون..وكايرو...وقصر النيل..ورمسيس..
وكانت تذكرة البلكون.. على ما اذكر...ستة عشر قرشا ..
دخلت جميع هذه الدور...ولكنى كنت زبونا تقريبا لسينما كايرو.. ورمسيس..
كانت احداهما تعرض سلسلة افلام لبدسبنسر.. وترنس هيل.. خفيفة وكوميدية والاخرى كانت تعرض افلام جادة..
نخرج من السينما.. نجد جريدة المساء.. وجريدة الجمهورية قد صدرت...وكان سعرها قرش ونصف او قرشان..
نشترى الجمهورية..ونتعشى..طبق بليلة..بالحليب والسكر وجوز الهند.. بشلن اى بخمسة قروش.. واثناء تناول البليلة
نستمع من معلم البليلة..لمحاضراته الشيقة ودروسه الممتاذة فى..كرة القدم..
وكان اهلاوى متعصب.. ايام ابراهيم عبد الصمد ومصطفى عبدة وزيزو وهانى وحسن حمدى..
والخطيب ومصطفى يونس..وماهر همام..واكرامى وثابت البطل.. الله يرحمه..
كان يتحدث..فى الكورة..بحب..أقرب الى العشق.. خلفيته عنها..جيدة..جدا..وذاكرته عن احداثها حاضرة..
ترى سعادته الكبيرة وهو يتحدث عن الاهلى وتشعر بها..لما يراك تستمع..إليه..
ويداه تتعامل بمنتهى السرعة والدقة.. فى مناولة الطلبات للاّخرين..
والمحاسبة عليها..بدون النظر الى ما أخذ..من نقود..
أو الى ما أعطى من باقى..وكأن أصابعه تعرف بالفطرة عدد النقود التى تتناولها بلا أى خطأ أو تردد..
وبذلك..تكون..تكاليف سهرة ثقافية وكروية.. وعشاء جميل.. وشراء..صحيفتين. ومواصلة خاصة..
لا تتكلف جميعها..جنيه واحد..تقريبا..
وكان شقيقى الاصغر.. طالبا فى كلية دار العلوم..وكان يحرص.. على قراءة جريدة الاهرام
وشراء مؤلفات ..الدكتور..زكى نجيب محمود..استاذ الفلسفة والمفكر الكبير..فى ذلك الوقت..
وأيضا يشترى كتب..الدكتور ..مصطفى محمود..حسبما يتيسر له..
بينما كنت اشترى انا بعض المجلات..اهمها مجلة العربى..
وكان كل من الدكتور زكى نجيب محمود..والدكتور مصطفى محمود.. يكتب.. مقالا اسبوعيا فى الاهرام..
وقت ما كانت صفحات الاهرام...يشغلها عمالقة الفكر.. والادب والعلم..والسياسة
مثل توفيق الحكيم ..نجيب محفوظ...عبد الرحمن الشرقاوى..الذى نشر كتابه امام المتقين
على صفحات الاهرام...فى ذلك الوقت..والاستاذ..ثروت أباظة..
والدكتور يوسف ادريس..ولويس عوض..والدكتورة بنت الشاطئ..
وغيرهم..من..أساطين الفكر والفلسفة..وعمالقة..الادب والبلاغة..
كنت اجد صعوبة كبيرة.. فى قراءة.. مقال الدكتور زكى نجيب محمود..فى الاهرام..
لان اسلوبه وبلاغته اشبه ما يكون.. بأسلوب الكاتب الكبير ..العقاد..بالاضافة الى الفلسفة..
ولذا.. لم اتجرأ.. على فتح.. أى من كتبه..
بينما قرأت.. عدة كتب للدكتور..مصطفى محمود..منها كتاب بعنوان..صنع الله..
سجل فيه العديد.. من الايات الظاهرة.. سردا وشرحا وصورا...
مثل سمكة التوحيد..والتى على جانبها ..لا اله الا الله..والجانب الاخر..محمد رسول الله..
ومثل عش اليمام.. التى تبنيه اليمامة.. من العصى الجافة الصغيرة..ولا ترقد عليه وتبيض الا بعد ان تحيل
هذه العصى الى حروف ابجدية..تكتب ..لا اله الا الله محمد رسول الله....
.وغيرها..من الايات التى تكتبها الاشجار.. مع بعضها..أو بنفس فروعها..
لكن ما يدهش فى الكتاب.. هو تصوير التليسكوب الاليكترونى فى المانيا..الذى يكبر مئات الالوف من المرات..
لحركة الهيمو.. فى الخلية..الحية..والذى جاء على شكل اسم.. الله...باللغة العربية..
معروف ان.. الهيمو..واحد فى كل. الخلايا..بينما يختلف.. الجلوبين.. من انسان..لاخر..
على حد.. ما ورد بكتاب الدكتور.. مصطفى محمود....صنع الله...
إذن الكون.. وما فيه.. دقيقه. وعظيمه.. فى حركته.. وسكونه..يكتب اسم... الله...
سواء بارادته...أو بدون إرادته...تصديقا لقوله.. سبحانه وتعالى...
يسبح لله ما فى السماوات وما فى الأرض له الملك وله الحمد وهو على كل شيئ قدير..اية 1 التغابن
سبح لله ما فى السماوات وما فى الارض وهو العزيز الحكيم... اية1 الصف ... صدق الله العظيم..
....
رحم الله الدكتور ..مصطفى محمود...والدكتور..زكى نجيب محمود..وكل كواكب الادب والفكر..
ورحم الله.. أيام..الزمن..الجميل..وألهمنا..الصبر والسلوان..على ما نحن فيه..
دغدغة..خفيفة..تذكرتها...فكتبتها...
كلماتى وبقلمى
محمد جادالله محمد الفحل