بعد الاتهامات التى أطلقها وما زال يطلقها البعض على المملكة العربية السعودية بأنها راعية للفكر الوهابى المتشدد والمتطرف الذى لا يقبل أى ديانات أخرى، ويقذف كل من لا يتبعه بالتكفير والتجريم والخروج من رحمة الله للأبد، وبعد أن ربط البعض بين أفكار داعش وأفكار المذهب السنى فى المملكة، مؤكد أن هناك مباركة من الأسرة السعودية لهذا الفكر المتطرف الذى يعيث فى الأرض فسادا فى بلاد العراق وسوريا، وأن هناك حالة من الاستعداء والكره الأبدى للمسيحيين، استطاع الملك سلمان فى سابقة هى الأولى من نوعها أن يخرس الألسنة ويرد على المتشككين والمغرضين من خلال لقاء عمه الحب والترحاب ورفرف عليه الوئام والقبول، مع البابا تواضروس الثانى بابا الكنيسة القبطية ضمن برنامج زيارة خادم الحرمين الشريفين التاريخية لمصر، حيث يمثل لقاء خادم الحرمين علامة فارقة فى مسار العلاقات بين الكنيسة والسعودية.
ويمثل أيضا هذا اللقاء التاريخى ردًا واضحًا من المملكة على من يشوهون صورة العلاقة بين السعودية والديانات الأخرى، وخاصة أن اللقاء الأول فى التاريخ بين الملك السعودى الراحل عبد الله بن عبد العزيز ورئيس الكنيسة الكاثوليكية البابا الراحل بنديكتوس السادس عشر كان عام 2007 فى الفاتيكان، والتى تمحورت المباحثات آنذاك حول "الدفاع عن القيم الدينية والأخلاقية والنزاع فى الشرق الأوسط والوضع السياسى والدينى فى السعودية وأهميَّة الحوار بين الثقافات والأديان ومساهمة أتباع مختلف الديانات فى النهوض بالتفاهم بين البشر والشعوب".
ومايزيد الأمر بهجة وسرور أن البابا تواضروس أعرب عن شكره للملك سلمان لدعم السعودية للدولة المصرية، مؤكدا عمق وصلابة العلاقات المصرية السعودية عبر التاريخ، وأن الأديان هى علاقة شخصية بين الإنسان وربه وكلها تدعو للتسامح والتعايش مع الأخر، معربا عن تقديره لرعاية سلطات المملكة المصريين العاملين بالسعودية فى كافة المجالات ما يعكس أخوة الشعبين.
لكن هناك سؤالا سيطرح، هل تطرق حديث البابا والملك حول فكرة إنشاء كنيسة قبطية فى بلاد الحرمين على غرار دول الخليج؟ وخاصة أن الأمر عرض بقوة بعد لقاء البابا تواضروس الثانى بسفير المملكة أحمد القطان فى القاهرة 2014 وأنه تم فتح هذا الملف، إلا أن مصدر مسئول آنذاك صرح بأن لقاء البابا والسفير السعودى لم يتطرق إلا للشكر عن الدعم السعودى لمصر بعد ثورة 30 يونيو.
يذكر أنه توجد فى المملكة العربية السعودية أقلية مسيحية من العمال الوافدين ويسمح للمسيحيين بدخول كافة الأراضى السعودية عدا مدينتى مكة المكرمة والمدينة المنورة، ولا يسمح لأتباع الديانة المسيحية بممارسة أى طقوس دينية، فالمسيحيون الأجانب بصفة عامة يمارسون الطقوس والصلوات فى منازلهم وسفاراتهم.