ما يحدث في مصر الآن من أزمة سببها الأول والرئيس ارتفاع أسعار الدواء، يُعد واحدًا من أسوأ الأزمات التي مرت بالشعب المصري في الفترة الأخيرة؛ لأنَّ الدواء في مصر مثله مثل المأكل والمشرب، لا يمكن الاستغناء عنه بطبيعة الحال، فلا يُمكننا مثلاً عمل دعوة لمقاطعة نوع معين من الدواء لكى ينخفض سعره.
المرض لا دين له، وهذا يعني أنه يُطال الغني مثلما يُطال الفقير، لكن مع الأسعار الجديدة التي قفزت إليها الأدوية في مصر، تجعل من الأغنياء فقط من يستطيعون الحصول على هذا العلاج أيًا كان سعره، فلم يعد هناك دواء من الممكن أن يُطلق عليه "رخيص" وغير مُكلف.
فالدواء الذي يقل سعره عن عشرة جنيهات زاد اثنين من الجنيهات زيادة أوتوماتيكية – وللعلم فقد زاد من فترة بسيطة جنيهًا – أى أنًّ الزيادة لم تعد 2 جنيه فقط بل أصبحت 3 جنيه عمليًا، أما الدواء الذي تخطى سعره العشرة جنيهات فقد زاد 20 % عن السعر الأصلي – والأصلي هذا قد زاد خمسة جنيهات هو الآخر – فمثلا علاج ضغط كان بعشرة جنيهات من شهرين فقط أصبح بخمسة عشر جنيهًا، بالأمس تم شراؤه بثمانية عشر جنيهًا، طبقًا للزيادة الجديدة، والأسبرين الذي كان الشريط منه بخمسة وعشرون قرشًا لوقتٍ ليس ببعيد أصبح اليوم بـ 2.75 قرشًا – هذا إن وُجد من الأساس – المشكلة كبيرة حقًا؛ لأنَّ الناس الغلابة مع هذه الأسعار لا يمكنهم شراء أى علاج حتى لو كان شريطًا واحدًا.
السؤال الذي يطرح نفسه وبقوة اليوم، ما يتقاضاه المواطن المصري متوسط الدخل من مرتبٍ أو معاش، هل سيكفيه لكى يأكل ويشرب ويلبس هو وأسرته، ويشتري منه العلاج أيضًا؟!!، لا أعتقد بل أكاد أجزم أنَّ الإجابة قاطعة بـ "لا"؛ لأنَّ رب الأسرة سيكون عليه الاستغناء عن أحد اللوازم الضرورية للحياة لكى يعيش "بالستر"، فأسعار كل الاحتياجات المهمة اليوم مرتفعة جدًا، إلا الدواء يا سادة هو خط أحمر لا يمكن لمسئولينا الاقتراب منه نهاائيًا، فنحن يمكننا أنْ نحيا بأقل القليل من مأكل، وملبس ومشرب، لكننا مع المرض كيف سنحيا بأقل القليل؟!، هل يستطيع أى شخص أنْ يختار نوع مرضه، لكى يتناسب مع مستوى معيشته لكى يتمكن من شراء العلاج المناسب له؟!! بالطبع لااااا وألف لاااااااا، أيًا كان السبب الذي من أجله ارتفعت أسعار الدواء إلى هذا الحد الذي لا يُطاق فعلاً، يجب العمل على تلافيه من قِبل المسئولين فنحن قد نكون بصدد حدوث ثورة المرضى مثلما حدثت من قبل ثورات للجياع، هذه أبسط حقوق المواطن؛ لأننا جميعًا لا حيلة لنا مع المرض، شافانا الله وعافانا ومرضى أمة المسلمين جميعًا، وأقول لمسئولينا تجنبوا الأزمة قبل وقوعها لمرة واحدة، يرحمكم الله