خلال إحدي زياراته لمصر وعقب لقاءه بالرئيس ..
طلب العقيد القذافي من الرئيس السادات أن يسمح له بلقاء بعض من سيدات مصر ممن لهن دور في العمل العام .
وافق الرئيس مرحباً وتم ترتيب اللقاء والذي جاء علي شكل ندوة عقدها العقيد بحضور عدد من سيدات المجتمع , اللواتي جلسن يتطلعن إلي المنصة حيث جلس الرئيسان بانتظار " سبورة " كان قد طلبها القذافي !!
وما هي إلا دقائق وإذا بالرئيس الليبي واقفاً أمام سبورته ليكتب عليها مايلي ...
1_ كيف يتثني للمرأة أن تطالب بحقها في العمل بالتساوي مع الرجل وقد أبتليت بالدورة الشهرية ؟
2_ كيف ستدخل المرأة في معركة مع العدو أثناء فترة حملها ؟
3_ وهل لها أن تطالب أصلاً بالمساواة وهي ناقصة للعقل والدين ؟
جلس من بعدها القذافي ليشرح ماكتبه تفصيلياً إلي كل الحضور بالقاعة و كان علي رأسهن بالطبع سيدة مصر الأولي , تجلس إلي جوارها السيدة الأولي الليبية والتي راحت تواري وجهها خجلاً من ردود أفعال السيدات علي ما كتبه زوجها إليهن أو قاله !
مرت فترة قصيرة من الصمت لم يقطعها سوي صوت السيدة أمينة السعيد والتي وجهت حديثها إلي العقيد مذكرة إياه بدور المرأة في صدر الإسلام .
واقعة تذكرتها خلال متابعاتي للتحفظ الذي أبداه بعض أولئك الذين أطلقوا لحاهم وانطلقوا من ورائها للهجوم علي أي مظهر من مظاهرالتحضرأوالمدنية في بلادنا .. زاعمين بأنه منافي للدين ومن ثم فإن محاربته هي فرض عين عليهم , كونهم هم حماة العقيدة وحراسها !!
فما أن أدت المهندسة نادية عبده اليمين الدستورية كمحافظ جديد للبحيرة , حتي استشاط هؤلاء غضباً وراحوا يتنقلون مابين شاشات الفضائيات مستميتين في إخراج كل ما حوته كتبهم من تفاسيرلأحاديث لم يثبت صحتها, وآيات قرآنية لم يتمكنوا من حفظها, فضلاً عن تلعثمهم عند قراءتها .. مستندين إليها في بيان تحريم تقلد المرأة للمناصب !!
نسي أولئك أو تناسوا أو لعلهم في الأصل لم يعلموا أنه في بلدنا هذا وقبل مايربو علي نصف قرن من الزمان , وتحديداً في العام 1962كانت هناك سيدة اسمها حكمت أبو زيد كلفها الرئيس جمال عبد الناصر لتكون أول وزيرة في تاريخ مصر .
نسي هؤلاء أيضاً أنه من قبلها وفي العام 1957 إنتخب المصريون سيدة أخري هي راوية عطية كنائبة في مجلس الأمة عن دائرة الدقي بعد أن فازت في الإنتخابات بإكتساح , لتكون بذلك ليس فقط أول نائبة مصرية , ولكن أول نائبة عربية بمجلس نيابي .. وهي التي قال عنها عبد الناصر لقد آمنت بكفاح المرأة المتمثل في راوية عطية .
وماذا عن مفيدة عبد الرحمن شيخة المحاميين ؟
ونوال عامر أول وكيل برلماني من النساء ؟
و قبل كل هؤلاء .. ألم يحفل التاريخ الإسلامي بالعديد من النساء الفقيهات والمحدثات والأديبات اللاتي وصل عددهن ألي ألف وخمسمائة إمرأة وفقاً للحافظ بن حجر في كتابه الإصابة في تمييز الصحابة ؟ ألم تطالب النسوة الرسول صلي الله عليه وسلم بأن يخصص لهن يوماً من أجل الوعظ والدرس بأن قلن له اجعل لنا يوما كما جعلته للرجال ؟
ثم لماذا الحديث من الأساس عن نوع أو جنس المحافظ ؟ فما الذي يضير في كونه إمرأة ؟ وبماذا أفاد بلدنا اقتصار المنصب علي الرجال ؟
إن ما يهمنا كمواطنين وبالدرجة الأساس هو كفاءة الشخص المعين , وإسهامه في الإرتقاء بمستوي محافظته الخدمي عبر ما سيستطيع إضافته من خدمات أو تذليله من عقبات .
لماذا كانت كل تلك الضجة المصاحبة لتعيين السيدة ؟
صارحونا وأريحونا أراح الله بلدنا من عقم أفكاركم , أهي حقاً غيرة علي الدين وثوابته ؟ حسناً فماذا يضرالدين في تكليف إمرأة بمنصب المحافظ , بل ماذا سيضيره لو تم تكليف عشر سيدات لإدارة عشرة من محافظات مصر ؟أهي حقاً غضية للدين ؟
أم هو انتهازاً لأي مناسبة يمكنكم من خلالها العودة للظهور من جديد بلحاكم العجيبة هذه لتذكرنا بسنوات خلت ولحي أخري تقبع الآن في زنازينها بعد أن أراحنا الله منها , أو أنه وبمنتهي الصراحة تكليف من جهة ما هدفه إشغال الناس بالصغائرالهينات في دينهم بغرض إلهائهم عن عظائم أمور دنياهم ؟
وأخيراً نقول ..
في 2017 عام المرأة .. أهلاً بالمرأة محافظاً ولا عزاء لمتخلفي هذا العصر وخوالفه .