يروي مسجد"الست مسكة"، حكايات مثيرة عن مصر، في القرن الثالث عشر الميلادي، وكيف كانت حريم القصر، على اختلاف درجاتهن، يلعبن دوراً كبيراً في إدارة شؤون البلاد والعباد.
الست مسكة هي من أصل مغولي و تدعي " جلشانة "وهي كلمة فارسية بمعني " مثل الورد" جاءت ضمن أسرة الاميرة المغولية " اشلون خوندا" التى لجأت الى مصر فرارا من غضب سلطان المغول ، فتزوجها السلطان قلاون ، وظلت الست مسكة بجوارها ترعى شئونها ،,وعندما أنجبت الاميرة المغولية السلطان محمد بن قلاوون ، لم تجد خيرا من الست مسكة لترعى طفلها وتكون مرضعة له .
لعبت الست مسكة دورا كبيرا فى حياة محمد بن قلاوون ، فكانت بجانبه فى كل المحن التى واجهته ، كما كانت مسئولة عن ترتيب شئون حريم السلطان ، وعندما مات السلطان محمد انتقلت الى خدمة أولاده ، والذي كان أخرهم السلطان حسن ، الذى لم تتركه عندما اعتقلوه وهو بين حريمه ، وأصرت على ان تدخل السجن لتكون فى خدمته ، وعليه نجد اننا نستعمل تعبير مرضعة قلاوون حتي اليوم,لنصف به السيدة العجوز التي يبدو عليها أنها بلغت من العمر أرذله ، ولكن الحقيقة كما شاهدنا هي أن مرضعة قلاوون كانت في زمنها ذات شأن كبير في بلاط السلطان الناصر محمد بن قلاوون .
تعد الست مسكة واحدة من النساء المسلمات اللاتي خلدتهن عمائرهن الدينية في مصر ، عندما أنشأت مسجدآ يحمل اسمها في حي الحنفي بالسيدة زينب . و بالقرب من مسجد الشيخ صالح أبي حديدة ، لتشجع بذالك الناس علي تعمير المنطقة المحيطة بالمسجد .
ومسجد الست مسكة الذي أنشأ عام 740 هج ، له بابان منقوش بأعلى أحدهما ، " بسم الله الرحمن الرحيم ، أمرت بإنشاء هذا الجامع المبارك الفقيرة إلي الله تعالي، الحاجة إلي بيت الله ، الزائرة قبر رسول الله علية الصلاة و السلام ، الست الرفيعة مسكة ، تم تاريخ الانتهاء من بناء هذا المسجد في سنة 746 هج " .
وكما تعودنا في الأثار الاسلامية ، فأن مسجد الست مسكة و الذي اعيد ترميمه في 17 سبتمبر عام 2009، اصابة العجز من المياة الجوفية ، الأمر ألذي وصل الي المحراب و الكثير من أعمدة المسجد، لينظر بذلك لسقوط صفحة من تاريخ الوطن .