لما كانت قواتنا المسلحة هي الدرع الواقي والسيف القاطع لكل ما من شأنه أن يؤثر على سلامة الأمن القومي المصري بل والعربي، وهي التي تصدت ولاتزال تتصدى وسوف تتصدى بكل قوة لكل محاولة لإحداث خرق بالأمن القومي المصري – ومنها الصورة القادمة – حيث قُدر لهذا البلد أن يقود ولا يُقاد، وستظل أصوات أبناء هذا الوطن تتعالى للحرية والعدالة والكرامة على مر التاريخ ليس فقط في مصر بل في العالم أجمع.
إن المواجهات التي تقوم بها قواتنا المسلحة تدل على حجم المخاطر التي تُحيط الأمة بأسرها، وكان لزامًا على مصر أن تقدم من أبنائها شهداء وشهودًا على جرائم العصابات الإرهابية التي تسعى بالليل والنهار لتمزيق الدول لغرضها الخبيث بأن تكون الكلمة العليا لكيان لا يخفى على الناس من يكون، إلا أنهم سوف يخيب ظنهم.
في ظل هذه المواجهات التي كان قدرًا علينا أن نواجهها بالإيمان والصبر والشجاعة اسمحوا لي أن أسلط الضوء قليلًا على خطر نشأ منذ فترة وهو في مرحلة النماء حاليًا والمتمثل في " اللإنتماء " والذي أراه أشد خطرًا من الإرهاب، لأن مسألة اللإنتماء مسألة نفسية بحتة، من الصعب مواجهتها بالقوة أو بالحرب العسكرية، وليس لكونها أمر نفسي فذاك يعني أن يتم التغافل عنها أو تجاهلها والتعامل وكأنها ليست موجودة، فلو قمنا باستقراء المشهد جيدًا خصوصًا مشهد شباب الوطن وأجرينا بحثًا ميدانيًا مجردًا لتبين لنا أن الغالبية العظمى من الشباب في حالة من الإحباط الشديد والرغبة في ترك الوطن والهجرة النهائية منه وهذا أمر يُنذر بالخطورة ولابد من تداركه فورًا حفاظًا على الأمن القومي المصري.
فإن القوات المسلحة المصرية من المؤكد أنها تُدرك جيدًا وهي في معركة الشرف ضد العصابات الإرهابية أن خط الدفاع الأول عن الأمن القومي هو المواطن وخصوصًا فئة الشباب التي لازال لديها ما تقدمه لهذا الوطن الغالي، وبمنتهى الوضوح لابد وأن يدرك هذا الشاب أن بلده تسعى إلى كرامته وتحقيق العدل في قضاياه المشروعة وأن تكون الإدارة السياسية وإرادتها متجهة نحو تحقيق طموح الشباب وعدم الاستهانة به وبقدراته حتى لا يتسلل اليأس إلى نفسه فينسحب في هدوء عن الحياة أو يتحول إلى شخص غير سوي يُلحق الأذى ببنيان الوطن.
لابد من تطبيق نصوص الدستور تطبيقًا كاملًا وعدم الاكتفاء باللقاءات التي تُجريها القيادة العليا مع عدد من الشباب الذي قد لا يُمثل إلا نسبة ضئيلة للغاية من شباب الوطن، وأن يتم تفعيل التواصل والرد من مؤسسات الدولة كلها على الأسئلة تدور بأذهان شبابنا عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
إن استهلالي لمقالي هذا بذكر قواتنا المسلحة إنما الغرض منه الإشارة إلى أنه وجب على كافة مؤسسات وقطاعات الدولة خاصة كانت أو عامة أن تؤدي دورها لحماية الأمن القومي بتجفيف منابع اللإنتماء، واعطاء كل ذي حق حقه، وضمان إلتفاف الشباب حول الوطن، حتى لا تجد قواتنا المسلحة نفسها في معركة لا تعرف فيها عدوها من ابن بلدها.
حفظ الله مصر ،،،