بعد أن فرضت دول العالم الحجر الصحي على أفرادها خوفا من انتشار فيرورس كورونا، وجد سكان المعمورة أنفسهم ملزمين على البقاء في البيوت، ومثلهم مثل الفرد العربي الذي اختار البقاء في البيت تفاديا لانتقال العدوى.
اختلف الأفراد في العالم العربي حول كيفية قتل الوقت والملل، ففي حين هناك من اختار الجلوس في طاولة ومصاحبة كتاب هناك من اختار مشاهدة التلفاز وتتبع الأخبار، وفي حين هناك من تفرغ لقراءة القرآن هناك من فضل ألعاب الفيديو والرسوم المتحركة، وأما الأكثرية حسب الإحصائيات فقد وجدوا الحل في مواقع التواصل الاجتماعي، والمتتبع لهذه المواقع هذه الأيام يلاحظ عودة ظاهرة كانت موجودة عند السلاف وهي ظاهرة ألعاب الذكاء، بحيث صار الفرد كلما دخل ليتصفح هذه المواقع يصطدم بمنشور يدعوه إلى المشاركة في التحدي على ايجاد لغز ما، أو عدد ما، أو ايجاد الكلمات الناقصة...إلخ.
لقد أثبتت الدراسات أنه لألعاب الذكاء أهمية قصوى في حياة الإنسان، كونها تدربه على اتخاذ القرارات السليمة، وكما تدفعه إلى البحث عن استراتيجيات مختلفة من أجل الوصول إلى النتائج المرجوة، ونظرا لمكانتها أدرجتها دول كثيرة في البرامج الدراسية خاصة في كتب الرياضيات والفيزياء، بحيث يضعونها في نهاية كل درس تقريبا، وهذا من أجل دفع التلاميذ لاعمال المنطق،كما أنهم لاحظوا أن الأغلبية يميلون إلى قبول االتحديات، وإلى الرغبة في التميز وإظهار عضلاتهم أمام زملائهم.
يتفق الباحثين في هذا المجال على أنه من أسرار الإجابة الصحيحة التركيز، والتمعن، والنظر إلى الصور جيدا، ومن هنا دعا علماء النفس إلى ضرورة رقود العقل على الأفكار وشبهوا هذا برقود الطير على البيض بغرض الفسق، ومن أشهر هذه الألعاب نجد الكلمات المتقاطعة، لعبة ترتيب الحروف، لعبة المكعبات، لعبة الحساب...
وليست هذه الألعاب بجديدة على العرب فقد ثبت أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يختبر ذكاء أصحابه في الكثير من المواقع، ومما ورد عنه أنه قال: (أخبروني عن شجرة مثلها مثل المؤمن؟ فجعل القوم يذكرون شجرا من شجر البوادي، فقال عمر:ألقي في نفسي أنها النخلة، فجعلت أريد أن أقولها، فإذا كبار القوم فأهاب أن أتكلم، فلما سكتوا قال رسول الله (هي النخلة ).
انطلاقا من هذه الوقفة الموجزة نلاحظ أن الحجر الصحي ساهم في استعادة الناس لهذه الألعاب المهمة جدا، والتي تساهم بشكل كبير في تنمية الخيال، والتفكير الإبداعي، وكما أنها تبعد الفرد عن المحرمات.