انتفض المصريون لمجرد أن هناك سيدات قررن الاحتفال بعيد ميلاد بحلوى على شكل أعضاء تناسلية. بالرغم من أنهن أحرار وليس من حق أي شخص أن يحكم على أخلاقهن، إلا أن مجتمعنا العظيم استاء من مثل هذا الأمر التافه الذي لا يلحق الضرر بأي كائن حي. يريدون من لا شغلة لهم أن يقاضوهن، ولكن ما هى التهمة الملحقة بهن؟
هل يحرضن هؤلاء النساء على الفسق والفجور؟ هل يحرضن على القتل والارهاب؟ هل يزرعون الخوف في قلوب الناس؟ هل تحرشن أو اغتصبن أو قتلن؟ هؤلاء السيدات لم يكن بارتكاب أى جريمة يحاسب عليها القانون. مشكلتهن الوحيدة هى وجودهن في مجتمع ذكوري. لا أعتقد أنه إذا قام مجموعة من الرجال بمثل هذا الفعل، سوف يستاء المجتمع. بل على العكس، هذا المجتمع سوف يقول "أيوا يا عم، مقضيها"، "عاش" سوف يشجعه المجتمع على هذا بل على أكثر من ذلك لمجرد أنه رجل.
مجتمعنا مجتمع مريض يجب معالجته ويجب وضع قوانين راضعة لحماية المواطن من هؤلاء المرضى. فالمجتمع الذي ينتفض من أجل حفلة ولا ينتفض من أجل سيدة المنيا هو مجتمع مريض. المجتمع الذي يهاجم السيدات لأنهن احتفلن ولا يهاجم المتحرش أو المغتصب، فهو مجتمع مذنب. المجتمع الذي يثور من أجل حفلة ولا يثور من أجل طفلة تم تعريتها في الشارع، فهو مجتمع عاص. المجتمع الذي يعاتب الضحية ولا يجازي المجرم، فهو مجتمع جاني.
لم استعجب عندما طالب ذلك المجتمع المختل محاكمة هؤلاء السيدات بينما المجرم الحقيقي هو من قام بتصويرهن. لقد انتهك ذلك المجرم خصوصية هؤلاء السيدات ويجب أن يحاكم بتلك التهمة الوضيعة. ليس من حق أي أن كان أن يصور شخص آخر دون استئذانه. في الدول المتقدمة، يلجأ المواطن فورا للشرطة في حال قام شخص بتصويره دون أذنه ونادرا ما يحدث هذا، لأن القوانين واضحة وصارمة.
أين صوت ذلك المجتمع من طفلة البامبرز التي تم اغتصابها وهى طفلة لم ترتدي او تفعل ما يثير غريزة الحيوان الذي اغتصبها؟ أين صوته من سيدة المنيا العجوز التي جردوها من ملابسها؟ أين صوته من طفلة عارية؟ هو ليس إلا مجتمع في المرحلة الحيوانية. للأسف لم يتطور ولم يصل بعد إلى المرحلة الآدمية.
أتمنى أن يحاكم من اتخذ الصورة بتهمة التشهير والتجريح واغتصاب الخصوصية كما أتمنى أن يكون هناك قانونا صارما ضد العنف الأسري كما أتمنى أن يحاكم أي متحرش أو مغتصب بسرعة البرق وأن يعدم في ميدان عام حتى يرتعد كل جاني.
لن تنمو وطننا بعقول مواطنيها دون وجود قانونا صارما يتم تطبيقه دون رحمة ضد مثل هذه الجرائم البشعة دون وسطه (كما حدث مع ابن القاضي الفاشل) أو رشوة (كما يحدث مرارا وتكرارا).
انتفض وثور يا مجتمع، ولكن من أجل الضحية وليس من أجل المغتصب.