ما أشبة الليلة بالبارحة ، فعلى الرغم من مرور عامين على قيام ثورة 25 يناير المجيدة ، والسقوط المدوى لنظام الطاغية المخلوع مبارك ، الآ ان فلسفة وسياسات الحكم مازالت قائمة " المباركية " التى هى رمزاً للفساد ، والإستغلال ، ونهب ثورات الوطن ، و سيادة النظام الرأسمالى الطفيلى غير المنتج القائم على الإقتصاد الريعى ، والتضليل الإعلامى ، وتشوية المعارضة الوطنية المصرية ، والإستحواذ " التكويش " على مفاصل الدولة ، وممارسة آليات الإستبعاد الإجتماعى و سياسات التحامل على الفقراء و تنفيذ أجندة البنك الدولى وصندوق النقد الدولى فى المزيد من تخريب الإقتصاد المصرى و تكبيل الوطن بالقروض .
هذة العوامل هى التى أشعلت حدة الوهج الثورى مجددا فى ميدان التحرير ، نتيجة الفشل الفاضح لتيارالأصولية الدينية فى تحقيق أهداف الثورة فى العيش ، والحرية و العدالة الإجتماعية ، والكرامة الإنسانية ، و أثبت الأخوان المسلمين و السلفيين أنهم وجوة رديئة لعملة الحزب الوطنى المنحل ، غير المأسوف علية .
فلم تستطع حكومة الدكتور هشام قنديل الهزيلة من تحقيق أدنى درجات النهوض الإقتصادى و لم تواجة مشكلات المصريين المعيشية اليومية بكفاءة ، بداء من توفير الخبز و اسطوانة الغاز الى النهوض بقطاع السكك الحديدية و الطرق البرية ، فضلا عن عدم إتخاذها أى تدابير جادة لتحقيق الحد الأدنى و الأقصى للأجور فضلا عن العشوائية و التخبط فى إدارة مؤسسات الدولة .
ولقد شكلت الولادة المشوهة لدستور جماعة الإخوان المسلمين ، ضربة مؤلمة لمسار الديمقراطية فى مصر ، خاصة بعد الثورة لأنة دستور ليس محل توافق بين القوى و المذاهب السياسية فى مصر ، الذى يكرس للدولة الفاشية الثيوقراطية المستبدة ، و التى تناهض بناء الدولة المدينة الحديثة
لقد عكس هذا الدستور لمناهضة الأصولية الإسلامية لفكر الحداثة ، وهذا امر طبيعى لأنة ليسد لديهم اى برنامج حقيقى للنهضة ، فكشفت الكوارث و الإزمات المتلاحقة و الأنهيار الإقتصادى المتسارع من زيف شعاراتهم أن " الأسلام هو الحل " ، و " نحمل الخير لمصر" ، و أكاذيب " مشروع النهضة" . وأن هدفهم هو الوصول للسلطة باى ثمن حتى لو على مزيد من إفقار المصريين ولو على مزيد من دماء المصريين الذين سقطوا فى السويس وغيرها من ميادين مصر .
و المتأمل لتاريخ الثورات فى العالم ، يكتشف لنا أن الثورة الفرنسية لم تكن لتحدث من دون وجود أستياء واسع النطاق من نظام الحكم القديم ، و كذلك لم تكن الثورة الروسية لتحدث من دون وجود التفسخ الذى أعترى إمبراطوية القيصر بسبب الحرب ، وبالمثل كانت عملية التفكك التى نتجت عن التضخم الإقتصادى الجامح و الأعداد الهائلة من العاطلين هى التى مهدت الطريق للأنتصار الذى حققة النازيون فى ألمانيا .
لقد ادت سياسات المباركية الجديدة للأخوان المسلمين الى تكريس الإنقسام الإجتماعى و السياسى بين المصريين وترسيخ للعلاقات الأجتماعية – الإقتصادية غير المتكافئة للأنتاج و التوزيع ، وأن تراكم الثروة فى جانب واحد لا يعنى سوى تراكم البؤس و الأفقار فى الجانب الأخر بين صفوف الشعب المصرى .
كما ان فرض المزيد من الضرائب والإلغاء التدريجي للدعم ، الأمر الذي أدى إلى اشتعال الأسعار وزيادة معاناة الملايين مما أنتج واقع اجتماعي مشحون فضلا عن تجاهل وعودها بالقصاص لدماء الشهداء، وهو ما نتج عنه المشهد الذي نواجهه اليوم، والذي لم تحاول السلطة المستبدة التعامل معه سوى بالقمع والقبض العشوائي على الشباب ومحاولة اقتحام ميدان التحرير في ظل غياب أي رؤية سياسية للسلطة للخروج من المأزق .
فحتى هذة اللحظة لم تستيطع حكومة الرئيس المنتخب من تثبيت العمالة المؤقتة فى مصر ، فى كافة وزارات الدولة وابرزها المؤقتين فى المحليات ، فكيف للعاملين بمراكز معلومات التنمية المحلية و الذين يحصلون على رواتب شديدة التدنى ، والتى لم تتجاوز 320 جنيها للمؤهلات العليا ، و 280 جنيهاً للمؤهلات الفوق متوسطة ، 270 جنيها للمؤهلات المتوسطة ، وذلك بسبب صرف رواتبهم على باب سادس . دون الحصول على اى علاوات أو زياة سنوية على الرغم انهم قد امضوا اكثر من سبع سنوات فى هذة الوظيفة ، أن تؤمن لهم هذة الرواتب الهزيلة أحتياجاتهم اليومية لهم ولآسرهم ؟!.
ولم تفعل حكومة قنديل شيئا لمواجهة الفساد المتصاعد داخل الادارة الهندسية بالمحليات التى تغاضت عن البناء المخالف لمساكن تنهار فوق رؤس ساكنيها ، وتركت الباعة و اصحاب المحلات للسطو على الشارع المصرى ، مما اعاق حركة السير و المرور ، تركت كل هذة الأمور ، وقامت بزرع عناصر أخوانية فى المحافظات و مجالس المدن والقرى من أجل أستكمال حلقات مسلسل أخونة الدولة . و لماذا تهرب رئيس الوزراء من مسؤليتة السياسية و ذهب الى المنتدى الأقتصادى العالمى فى وقت كان الوطن كلة فى حالة من الغليان الثورى ؟ ..اليست كل هذة المظاهر من علامات المباركية و لكنها المباركية الجديدة لجماعة الاخوان المسلمين !! .